واشنطن-واثق- تؤكد الأميركية من أصول فلسطينية مفاز صالح وهي زوجة البروفسور بدر خان سوري المعتقل من قبل السلطات الأميركية منذ أكثر من شهر، في حوار مع "العربي الجديد"، أنه إلى اليوم، لا توجد أي اتهامات رسمية موجهة لزوجها أو حتى لها، بينما تشير إلى أنها تلقت تهديدات بالقتل عبر وسائل التواصل الاجتماعي، خلال الأشهر الماضية. ولفتت مفاز صالح إلى أنها منذ أكثر من شهر، أي منذ القبض على زوجها واحتجازه، لم تغادر منزلها، مضيفة أنّها تخشى التعرض لها ولأولادها، وأشارت إلى أنّ زوجها حزين لأنه "ليس مجرماً ليرتدي البذلة الحمراء" المخصّصة للمعتقلين الأكثر خطورة.
احتجز سوري وفق مفاز صالح خلال عودته إلى منزله. وبدأ احتجاز سوري، البروفسور في جامعة جورج تاون بواشنطن، يوم 17 مارس/ آذار الماضي، أثناء عودته إلى منزله في مدينة أرلنغتون في ولاية فيرجينيا، بعد موعد الإفطار في رمضان، عندما اقترب منه عملاء فيدراليون ملثمون وألقوا القبض عليه، وأبلغوه بإلغاء تأشيرته. حصل سوري على الدكتوراه في دراسات السّلام والصراع من مركز نيلسون مانديلا للسّلام وحلّ النزاعات في الجامعة الملية الإسلامية في نيودلهي عام 2020. قدم بعدها تأشيرة أبحاث ما بعد الدكتوراه في جامعة جورج تاون، ويدرّس حالياً لطلابه مادة "الأغلبية وحقوق الأقليّات في جنوب آسيا" في مركز الوليد بن طلال للتفاهم الإسلامي المسيحي (ACMCU) التابع لكلية جورج تاون للخدمة الخارجية.
بعد اعتقاله، اتّهمته المتحدثة باسم وزارة الأمن الداخلي تريشيا ماكلولي بأنه "كان ينشر دعاية لحماس ويروّج معاداة السامية على وسائل التواصل الاجتماعي، وأنه كان على صلة وثيقة بإرهابي معروف أو مشتبه به، وهو مستشار كبير لحماس، وتنطبق عليه شروط الترحيل"، لكن ماكلولي لم تقدم أيّ أدلة تدعم هذا الادعاء. مع العلم أن والد مفاز صالح هو أحمد يوسف صالح وعمل مستشاراً سابقاً للراحل إسماعيل هنية إبان توليه منصب رئيسَ الحكومة الفلسطينية. من جهتها تقول مفاز صالح إن زوجها لم يشارك بالتظاهرات الداعمة لغزة.
* ما هي التّهم التي وجهتها السلطات الأميركيّة إلى بدر خان سوري؟ وما هو الموقف الحالي في قضيته؟ وما هي الخطوات القانونية التي يجرى اتّخاذها؟
على الصعيد الرسمي طبقاً لما أعلنته وزارة الأمن الداخلي، اتخذ وزير الخارجية ماركو روبيو قرار ترحيل زوجي منتصف مارس/ آذار قبل يومين من اعتقاله استناداً إلى المادة 237(أ)(4)(ج)(آي) من قانون الهجرة والجنسية، بأن أنشطته ووجوده في الولايات المتحدة تجعله مستوجباً الترحيل، وهذه المادة تمنح وزير الخارجية حق القرار بناء على رؤيته أن وجوده يؤثر سلباً على علاقات أميركا الدبلوماسية مع دولة أجنبية. لكن لا يوجد أي اتهام رسمي حتى الآن. وهناك جلسة في المحكمة أول مايو/ أيار المقبل، وبعدها ستتضح الأمور أكثر.
* هل تتواصلين معه هاتفياً بعد احتجازه؟ وماذا يقول؟
نعم أتواصل معه من آونة إلى أخرى، ووضعه الصحيّ سيّئ، ومنذ يومين أجرى فحص دم أظهر ارتفاع معدل الكوليسترول بسبب الأطعمة التي يقدمونها له، التي تحتوي على كربوهيدرات، ما يؤثر على صحته سلبياً. يحزن بدر كثيراً أنّه يرتدي "البذلة الحمراء" المخصّصة لأخطر الأشخاص في المعتقل، وهو يقول لي "لماذا أصنف مجرماً وأنا لم أفعل شيئاً يهدّد أمن الولايات المتحدة كما يدّعون"، كما أنه لا يشعر بالراحة في المعتقل، وهناك انعدام الخصوصية، فالحمام يتوسّط الخلية التي يوجد فيها هو و50 شخصاً آخرين، ولا يوجد ما يشغل وقته، وطلب مني أن أرسل له بعض الكتب ليتمكن من استغلال وقته بالقراءة والهرب قليلاً إلى عالم الكتب.
* هل توجد أي اتهامات رسمية موجهة لك وما سبب الحملة ضدك؟
لا توجد أي اتهامات رسمية ضدي، وإنما فقط اتهامات باطلة بدأها صحافي كتب تقريراً عني واتهمني بأنني علي علاقة مع حماس وانتشر التقرير بطريقة مخيفة.
* هل تعتقدين أن هناك استهدافاً لك من خلال احتجاز زوجك باعتبار أنّك من غزة؟
بدأت الحملة ضدّي، وجرى استهدافي شخصياً، إذ اتهمتني تقارير كذباً بأن لي علاقة مع حركة حماس، لكن كلّها محض إشاعات ولا يربطني بـ"حماس" أي شيء. أعتقد أن هناك حملة ممنهجة على كل مناصري القضية الفلسطينية والهدف منها هو إخماد صوتنا، وعندما بدأت الحملة ضدي شعرت بكثير من الضيق لأني تلقيت تهديدات بالقتل. عندما انتشرت التقارير لم تكن الصحافة تعلم بأنني من حاملي الجنسية الأميركية، وكان للتقارير صدى كبير، إذ تلتها دعوات بترحيلي لاقت انتشاراً كبيراً على منصة إكس، وفاجأني حجم الإشاعات السلبية والاتهامات الباطلة، وعندما اكتشفوا أنّني أحمل الجنسية الأميركية وأن محاولاتهم لترحيلي باءت بالفشل، حرصوا على استهداف زوجي وسيلةً للضّغط عليّ لترحيلي أنا وعائلتي.
* ما هو وصفك لبدر خان سوري؟
بدر إنسان محب للعلم، وكرّس حياته من أجل السّلام، وجاء إلى غزة عندما كان طالب ماجستير في السّلام وحل النزاعات في عام 2011، إذ كانت زيارته الأولى التي التقى خلالها بالعديد من الفلسطينيين، كنت أنا من بينهم. كان مؤمناً بعدالة القضية الفلسطينية ومحباً للفلسطينيين.
* هل شارك في تظاهرات من أجل غزة العام ونصف العام الماضي؟
لم يشارك بدر بالتظاهرات التي تدعو لوقف الإبادة الجماعية في غزة، لأنه كان منشغلاً في بحثه بجامعة جورج تاون، لكن كان على اطلاع بما يجري في غزة من خلالي، خصوصاً أن أهلي موجودون هناك.
* زار سوري غزة مرتين، وتقدم لك في المرة الثانية؟ كيف تطوّرت العلاقة بينكما خلال الزيارة الأولى؟
صحيح جاء بدر مرتين إلى غزة، مرة مع قوافل كسر الحصار، والمرة الثانية جاء ليتقدم لخطبتي. أعتقد أن حبه لفلسطين هو ما حفّزه على الارتباط بي.
* سافرت مع سوري إلى الهند في 2013 كما قلت في وثائق المحكمة، وعشتما هناك لسنوات. متى قرّرتما الانتقال إلى الولايات المتحدة؟
نعم سافرنا إلى الهند بعد زواجنا، ثم جاء بدر إلى الولايات المتحدة لاستكمال بحثه ما بعد الدكتوراه، وأنا جئت بعده بسنة تقريباً. وجود فرصة لبدر شجعتنا على بناء مستقبلنا معاً في الولايات المتحدة، خصوصاً بعد أن تصاعدت الأمور ضدّ المسلمين في الهند. ولدينا حالياً ثلاثة أطفال، الأكبر عمره تسع سنوات والتوأم خمس سنوات ويحملون الجنسية الهندية. أنا اسمي مفاز صالح لكن أحب أن ألحق اسمي باسم والدي الدكتور أحمد يوسف وهو (اسم مركب)، وحصلت على الجنسية الأميركية لأنني مولودة في الولايات المتحدة.
* كيف تشعرين كونك مواطنة أميركية حول الوضع الحالي لأسرتك؟ وما ردك على الاتهامات الموجهة إليكما؟
كوني أميركية، ما زلت أؤمن أن العدالة "ستأخد مجراها"، وأنه سيجري إثبات عكس الادّعاءات ضدي وضد زوجي. ونعم نحن محبون لفلسطين ولسنا إرهابيين كما ينعتوننا. أنا أم ولديّ ثلاثة أطفال وقلبي يحترق على أهلي في غزة. وزوجي أستاذ جامعي وباحث أكاديمي، وحياتنا كانت مليئة بالإنجازات، ومنذ أن تعرضنا للحملة المضادة انقلبت حياتنا رأساً على عقب. نتمنى أن يعود بدر لبيته ولحضن أولاده الذين يشتاقون إليه كثيراً، وأقول "حبُّ فلسطين ليس جريمة لنعاقَب عليها، والحديث عن فلسطين والمجازر التي تحدث في غزة هي واجب علينا جميعاً".
* كيف قضيت الشهر الماضي منذ القبض على زوجك؟
بالنسبة لي لم أخرج من منزلي منذ أكثر من شهر، فقد امتنعت عن الذهاب إلى دراستي في الجامعة أو إلى أماكن خارج السكن؛ لأني أخشى أن يجري التّعرض لي أو لأولادي. نحن نعيش حالة من التوتر الدائم، خصوصاً أن أيّ شي متوقع هذه الأيام مثلما حدث مع بدر الذي كان عائداً من الجامعة بعد أن أنهى محاضرته وكسر صيامه مع طلابه، وأثناء عودته كانوا بانتظاره. لا أستبعد أن يحدث هذا السيناريو لي أو لأولادي، وأنا لا أشعر بالأمان الآن والقلق يسيطر على حياتي.
عن العربي الجديد