لندن-واثق-يُعد انحناء العمود الفقري، المعروف طبيًا بـ"الجنف"، من الحالات الشائعة خصوصًا بين الفتيات، حيث يُشبّه الأطباء العمود الفقري بالطريق المستقيم، الذي يفقد انتظامه نتيجة الانحناء بدرجات متفاوتة، ما قد يؤدي إلى مضاعفات صحية خطيرة.
وفي لقاء مع برنامج "الصباح" على قناة سكاي نيوز عربية، شدد الدكتور زياد الجيعان، استشاري جراحة العمود الفقري وعلاج الألم، على أهمية الكشف المبكر، مشيرًا إلى أن الحالة قد تبدأ بشكل بسيط لكنها قد تتطور لتسبب آلامًا شديدة، وصعوبة في التنفس والحركة، في حال إهمالها.
وأكد الجيعان على أهمية ملاحظة الأهل، وخاصة الأمهات، للتغيرات الشكلية عند أطفالهم، مثل عدم تساوي الكتفين أو التواء في منطقة الخصر، وهي علامات قد تظهر حتى عند ارتداء الملابس الضيقة.
وأوضح أن نسبة انتشار الجنف بين عامة الناس تتراوح بين 3 إلى 5 بالمئة، بينما ترتفع إلى نحو 50 بالمئة لدى من يعانون مشكلات عصبية أو عضلية. كما أشار إلى أن نحو 65 بالمئة من الحالات تُصنف على أنها مجهولة السبب، لكن غالبًا ما يكون العامل الوراثي هو المسبب الرئيس.
وبيّن الجيعان أن بعض حالات الجنف تكون خلقية، نتيجة تشوه في تكوّن الفقرات خلال الحمل، ما يؤدي إلى نمو غير متوازن للعمود الفقري.
وعن سبل العلاج، قال الجيعان إن البداية تكون بتصوير الأشعة لتحديد زاوية الانحناء وعمر الطفل، ومن ثم توضع خطة العلاج المناسبة. وتشمل العلاجات غير الجراحية استخدام الحزام الطبي والعلاج الطبيعي، ومن أبرز طرقه "شروت ثيرابي"، وهي تقنية ألمانية تهدف لتقوية العضلات وتصحيح الانحناء تدريجيًا.
وفي الحالات المتقدمة التي تتجاوز زاوية الانحناء فيها 40 درجة، تصبح الجراحة خيارًا ضروريًا، ليس لأسباب تجميلية فقط، بل للحفاظ على وظائف الرئة ومنع الإعاقة.
وأشار الجيعان إلى تطور كبير في تقنيات الجراحة، حيث بات بالإمكان تصحيح الانحناء مع الحفاظ على حركة العمود الفقري، باستخدام حبال طبية قوية تُثبت بمسامير، ما يسمح للمرضى بالعودة لحياتهم الطبيعية بسرعة، وممارسة الرياضة، حتى الجمباز.
وحذر الجيعان من الجلوس الخاطئ والاستخدام المفرط للأجهزة الذكية، مشيرًا إلى دورهما في تفاقم الحالة لدى من لديهم استعداد وراثي، لكنه أكد أن الرياضة تساعد على تقوية العضلات وتحسين اللياقة، دون أن تكون وقاية كاملة من الإصابة.
واختتم الجيعان حديثه برسالة توعية، داعيًا الأهل إلى فحص أطفالهم بشكل دوري، قائلاً: "زيارة واحدة للطبيب في السنة قد تنقذ مستقبل طفل كامل".